الأضحية عبادة إسلامية عظيمة، شرعها الله تعالى تذكيراً بتضحية نبيه إبراهيم عليه السلام واستجابته لأمر ربه. كيفية تقسيم الأضحية تختلف حسب المذاهب الفقهية الأربعة، وهي توسعة على المسلمين في عيد الأضحى المبارك، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنها أيام أكل وشرب وذكر لله“. وتؤدى الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة التالية له. وفيما يلي شرح لكيفية تقسيم لحوم الأضحية في المذاهب الأربعة الرئيسية وفقاً للشريعة الإسلامية:
محتويات المقال
كيفية تقسيم الأضحية في المذاهب الأربعة
تتفق المذاهب الفقهية الأربعة على جواز أكل صاحب الأضحية منها وإهدائها للأقارب وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، إلا أنها تختلف في الكيفية المثلى لتوزيعها، وذلك على النحو التالي:
- مذهب الحنفية والحنابلة: يرون أن الأفضل تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء متساوية، بحيث يخصص ثلث للمضحي نفسه، وثلث للفقراء، وثلث للإهداء.
- مذهب الشافعية: يرون أن الأفضل توزيع معظم الأضحية على الفقراء والمساكين، مع أكل المضحي منها قليلاً.
- مذهب المالكية: لا يرون تقسيماً محدداً لتوزيع الأضاحي، بل يعطون الحرية الكاملة للمضحي في التصرف بها كيفما يشاء، سواء بالأكل منها أو إعطاء الفقراء أو إهداء الأقارب والأصدقاء، وذلك استناداً لحديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والذي جاء فيه: “ذَبَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ“.
شاهد أيضًا: شروط وأحكام ذبح أضحية عيد الأضحى وكيفية التقسيم والتوزيع
ما حكم التصدق من الأضحية؟
بعد التعرف على آراء المذاهب الفقهية في كيفية تقسيم الأضحية، يحسن بنا التطرق لمسألة حكم التصدق منها، والتي اختلف فيها الفقهاء على قولين:
- القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بوجوب التصدق من الأضحية، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، حيث رأوا أن الأمر بالإطعام في الآية يفيد الوجوب.
- القول الثاني: ذهب الحنفية والمالكية إلى القول باستحباب التصدق من الأضحية وعدم إلزاميته، وحجتهم في ذلك أن الله تعالى شرع الأضحية تقرباً وشكراً له، فمن ذبح أضحيته وأكلها كلها دون أن يتصدق منها بشيء فلا حرج عليه.
والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني (الحنفية والمالكية) من استحباب التصدق من الأضحية وعدم إلزاميته؛ لأن الأصل في الأضحية أنها قربة لله تعالى وشكر لنعمه، ولم يرد دليل صريح يوجب التصدق منها، بل ورد ما يفيد جواز أكل المضحي منها، كما في حديث ثوبان السابق ذكره.
ومع ذلك، فإن التصدق من الأضحية وإطعام الفقراء والمحتاجين منها أمر مرغب فيه لما فيه من إدخال السرور على قلوب الفقراء والمساكين، وإشاعة روح الود والتقرب بين أفراد المجتمع المسلم.
ما حكم بيع جلود الأضاحي؟
بعد بيان آراء الفقهاء في حكم التصدق من الأضحية، ننتقل إلى مسألة أخرى وهي حكم بيع جزء من الأضحية، والتي اختلف فيها الفقهاء على النحو التالي:
- الرأي الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم إلى القول بعدم جواز بيع شيء من الأضحية، سواء كان جلدها أو لحمها أو غير ذلك، واستدلوا على ذلك بحديث علي رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه، وأن يتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا يعطي الجزار منها شيئاً. كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي جاء فيه: “مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلا أُضْحِيَّةَ لَهُ“. وعليه، فإن المضحي عندهم يمكنه أن يهدي جلد الأضحية أو يتصدق به أو ينتفع به، دون أن يبيعه.
- الرأي الثاني: ذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز بيع ما شاء المضحي من أضحيته، على أن يتصدق بثمنه.
- الرأي الثالث: ذهب الحسن البصري والنخعي والأوزاعي، وهو رواية عن الإمام أحمد، إلى جواز بيع جلد الأضحية خاصة، على أن يشترى بثمنه ما ينتفع به في البيت، كالغربال والنخل والفأس والميزان ونحوها.
والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من عدم جواز بيع شيء من الأضحية؛ لقوة أدلتهم، ولأن في بيعها شبهة الانتفاع المادي، وهو منافٍ لمقصود الشارع منها، فالأولى صرف جميع أجزائها في وجوه البر والإحسان، من الأكل والإهداء والتصدق والانتفاع.
قد يهمك أيضًا: حكم الاشتراك في الأضحية والشروط الواجب توافرها
بهذا نكون قد تعرفنا على كيفية تقسيم الأضحية وفق آراء المذاهب الفقهية الأربعة في الشريعة الإسلامية، إضافة إلى بيان حكم بيع أجزاء الأضحية كالجلود وغيرها. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يرزقنا الإخلاص والتوفيق لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.