الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان: كيف تميز بينها؟

يتساءل الكثيرون عن الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان، وهي مصطلحات تشير إلى أفعال سلبية تؤثر بشكل كبير على العلاقات الإنسانية وتسبب الكثير من المشاكل والخلافات، وعلى الرغم من أن هذه الأفعال تختلف في تعريفاتها وطبيعتها، إلا أنها تتفق في كونها تؤذي الآخرين وتدمر الروابط الاجتماعية.

يوضح هذا المقال الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان مع أمثلة عملية توضح معنى كل مصطلح منهم، وكيف يمكن لهذه الأفعال أن تؤثر على حياتنا اليومية وعلاقاتنا مع الآخرين.

الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان

كثير ما نتحدث عن الآخرين في غيابهم، لكن هل فكرنا في الفرق بين الحديث عن شخص وإلحاق الأذى به؟ هناك ثلاثة مصطلحات تستخدم بالتبادل، وهي: الغيبة، النميمة، والبهتان، ورغم تشابهها إلا أن هناك فروق دقيقة بينها.

ما هي الغيبة؟

الغيبة هي الحديث عن شخص غائب بما يكره، سواء كان ذلك في خلقه أو جسمه أو دينه أو ماله أو حتى لباسه. تخيل لو أن أحدهم تحدث عنك بهذه الطريقة وأنت لست موجودًا للدفاع عن نفسك، كيف ستشعر؟

أمثلة على الغيبة:

  • شفت فلان اليوم، شكله زاد وزنه بشكل واضح.
  • سمعت إن فلانة ما نجحت في الامتحان، شكلها مش ذكية زي ما كنا فاكرين.
  • لاحظت إن ملابس فلان مش جميلة، شكله ما بيهتم بمظهره خالص.

ما هي النميمة؟

النميمة هي نقل الكلام بين الناس بهدف الإفساد بينهم، ونشر الشقاق والفتنة. إنها مثل النار التي تشتعل بين القلوب وتحرق جسور المحبة والمودة. النميمة تهدف إلى إثارة المشاكل وتشويه صورة الشخص في نظر الآخرين.

أمثلة على النميمة:

  • عارف إن فلان قال عنك كذا وكذا؟
  • سمعت إن فلانة بتعمل كذا وكذا لما جوزها مش موجود.
  • يبدو إن في خلاف كبير بين فلان وفلان، سمعت إنهم.

ما هو البهتان؟

هو أشد أنواع الكلام ضرراً، فهو الكذب المفترى على شخص معين بهدف تشويه سمعته وإلحاق الضرر به. إنه سلاح فتاك يمكن أن يدمر حياة إنسان بكلمة واحدة.

أمثلة على البهتان:

  • رأيت فلاناً يسرق من المحل (وهو لم يفعل).
  • سمعت أن فلانة على علاقة غير شرعية مع فلان (وهي بريئة).
  • فلان مدمن على المخدرات (وهو ليس كذلك).

شاهد أيضًا: علامات سوء الخاتمة عند الدفن

حكم الإسلام في الغيبة والنميمة والبهتان

بعد أن تعرفنا على الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان يأتي دور معرفة حكم الدين الإسلامي بينهم. يحرم الإسلام الغيبة والنميمة والبهتان تحريم قطعي، ويعتبرها من الكبائر التي تهتك حرمات المسلمين وتفسد العلاقات الاجتماعية. وإليك تفصيل حكم كل منها:

حكم الغيبة في الإسلام:

يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”. بمعنى أن الغيبة تشبه أكل لحم الأخ وهو ميت، وهذا شيء بشع جدًا، أليس كذلك؟

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أتدرون ما الغيبة؟” قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: “ذكرك أخاك بما يكره”. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته”. بمعنى أنه حتى لو كان الكلام الذي تقوله عن الشخص صحيحًا، فإنه يعتبر غيبة وهو حرام.

حكم النميمة في الإسلام:

يقول الله في القرآن: “ولا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ”. بمعنى أنه لا يجب أن تستمع لكلام النمام الذي يحب نقل الكلام بين الناس وإفساد العلاقات. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة نمام”. النمام لن يدخل الجنة أبدًا! تخيل ذلك.

حكم البهتان في الإسلام:

يقول الله في القرآن الكريم: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”. بمعنى أن من يتهم شخصًا بشيء سيء وهو بريء، فإن الله يلعنه في الدنيا والآخرة. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن من أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم”. بمعنى أن البهتان يشبه الربا، وهو حرام وكبيرة من الكبائر.

كفارة الغيبة والنميمة والبهتان

لا يوجد كفارة محددة شرعاً للغيبة والنميمة والبهتان، ولكن التوبة النصوح هي الكفارة الحقيقية. تتضمن التوبة النصوح عدة أمور:

  • يجب على الإنسان أن يشعر بالندم الصادق والإخلاص تجاه الذنوب التي ارتكبها، وأن يعزم على عدم تكرارها مرة أخرى.
  • يجب على الإنسان أن يتوقف تمامًا عن ممارسة الغيبة والنميمة والبهتان، وأن يجاهد نفسه لمقاومة هذه الرغبات.
  • يجب على الإنسان أن يستغفر الله كثيرًا على الذنوب التي اقترفها، وأن يتوسل إلي الله طلبًا للعفو والمغفرة.
  • إذا كان الإنسان قد أساء إلى شخص ما من خلال الغيبة أو النميمة أو البهتان، فعليه أن يسعى جاهدًا لإصلاح ما أفسده.

شاهد أيضًا: ما الفرق بين الواجب والفرض وكيف تميز بينهما؟

في نهاية مقالنا عن الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان، يجب علينا أن نكون حذرين في كلامنا وأن نتجنب هذه الأفعال التي لا تؤدي إلا إلى الفتنة والفرقة بين الناس، وتتنافى مع قيم الأخلاق والاحترام. علينا أن نتذكر دائمًا أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن نحرص على نشر الخير والمحبة بين الناس.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

X