كل فترة زمنية يثير سؤال هل النقاب فرض جدلاً كبيراً في العالم، حيث يعتبره البعض رمزاً للتحرر والحرية الشخصية، في حين يرونه آخرون على أنه يمثل تقييداً لحرية المرأة وتعبيراً عن التطرف الديني، ولكن ما أصل موضوع النقاب وهل هو فعلاً فرض على كل امرأة مسلمة، أم هو سنة واجبة، أم إنه ليس من الإسلام في شيء، هذا ما سنتناوله معكم بالتفاصيل عبر السطور القادمة من هذا المقال فتابعونا.
محتويات المقال
هل النقاب فرض؟
اختلف العلماء والأئمة الأربعة في مسألة هل النقاب فرض على المرأة المسلمة أم لا، فمنهم من يرى إنه فرض وواجب على كل امرأة مسلمة، ومنهم من يرى إنها فضيلة وليست فرض، ولا تأثم من تقوم بعدم ارتداء النقاب.
وهناك بعض الفقهاء يرون إن النقاب يكون فرض في حالة إذا كانت المرأة شديدة الجمال ومُلفتة للإنظار، ولهذا يجب عليها أن تغطي وجهها حتى لا تكون فتنة لغيرها، وإنه لا يكون فرض للمرأة العادية.
أدالة على وجوب النقاب في الإسلام من القرآن الكريم
لا توجد مواضع واضحة في القرآن الكريم تفرض على المرأة ارتداء النقاب، ومع ذلك، يمكن تفسير بعض الآيات بأنها تشجع على التحلي بالحياء والزينة المتواضعة، وهذا يمكن تطبيقه على ارتداء النقاب، ومن بين هذه الآيات القرآنية، ما يلي:
- قولُه تعالى في سورة الأحزاب ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
- قوله تعالى في سورة الأحزاب ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمً).
- قوله تعالى في سورة النور ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون).
- قوله تعالى في سورة النور ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
أدالة على وجوب النقاب في الإسلام من السنة
تعتبر السنة النبوية مصدراً أساسيًا لتوضيح أحكام الشريعة الإسلامية، وقد وردت في السنة بعض الأحاديث التي تشجع على ارتداء النقاب والتي يرويها العلماء في كتب الحديث، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
- قول الرسول صلى الله عليه وسلم “المرأةُ عَورةٌ”.
- قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا تَنْتقِبِ المرأةُ المحرِمَةُ، ولا تَلبَسِ القُفَّازَينِ”.
- قول عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها في قِصَّة الإفكِ”وكان صَفوانُ ابنُ المُعَطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ مِن وَراءِ الجَيشِ، فأصبحَ عند مَنزلي، فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فأتاني، وكان يراني قبل الحِجابِ” وفي روايةٍ: “فخَمَّرْتُ وجهي بجِلبابي”.
- عن أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه في قِصَّةِ زَواجِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن صِفيَّةَ رَضِيَ الله عنها “فقال المُسلِمونَ: إحدى أمهَّاتِ المُؤمِنينَ، أو مِمَّا مَلَكَت يمينُه، فقالوا: إنْ حَجَبَها فهي من أمهَّاتِ المُؤمِنينَ، وإن لم يَحجُبْها فهي ممَّا مَلَكت يمينُه، فلمَّا ارتحَلَ وطَّأ لها خَلْفَه، ومَدَّ الحِجابَ بينها وبين النَّاسِ”.
- قول أم المؤمنين عائشة قالت: “كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُحْرِماتٌ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها”.
- قول فاطِمةَ بنتِ المُنذِرِ عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ الله عنهما، قالت: “كُنَّا نغَطِّي وُجوهَنا مِن الرِّجالِ، وكُنَّا نَمتَشِطُ قَبلَ ذلك في الإحرامِ”.
في النهاية، فإن مسألة النقاب في الإسلام هي مسألة شائكة ومثيرة للجدل، ولا يزال هناك اختلاف في الآراء بين العلماء والفقهاء حول مدى وجوب ارتداء النقاب في الإسلام، ومن المهم التأكيد على أن هذه المسألة تعتمد على التفسير الشرعي والأدلة الشرعية، ويجب عدم الانجرار وراء الآراء الشخصية أو التحيزات الثقافية أو السياسية.